أستاذ الجغرافيا الإقتصادية کلية الدراسات الإنسانية القاهرة جامعة الأزهر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس أدب عبري وسيط قسم اللغات الشرقية شعبة اللغات السامية کلية الآداب - جامعة المنصورة

المستخلص

ظهر فن المقامة العبرية في حوالي القرن الثاني عشر الميلادي/ القرن السادس الهجري، عندما ازدهرت حرکة الثقافة العبرية الأندلسية، واستطاع المترجمون اليهود نقل الکنوز الأدبية الأندلسية العربية إلى العبرية، فتُرجم کتاب کليلة ودمنة إلى العبرية، وأقبل اليهود على قراءته، وانجذبوا إلى هذا النوع من القصص الخرافية، فقام بعض الأدباء بمحاولة تقليد هذا الکتاب؛ ومنهم يوسف بن زبارة(535-597هـ/ 1140-1200م) في کتابه "کتاب الفکاهة" (ספרשעשועים)، وأخذ بعض الأدباء يحاکي الحريري في عمل المقامات حتى ظهر يهودا الحريزي بکتابيه مقامات إيتيئيل (מחברותאיתיאל وبعده کتاب "تحکموني" (תחכמוני)، والذي أصبح فيما بعد رائدًا لفن المقامات العبرية.
فالمعنى الذي أُصطُلحت عليه المقامة: أنها نوع من الآداب العربية، وهي عبارة عن فقرات قصيرة ومقفاة، وهي فن أدبي يعني حديثًا أو أحاديث تلقى في جماعات أو ندوات أدبية، وعادة يُصاغ هذا الحديث في شکل قصص قصيرة منمقة في ألفاظها وأساليبها، وللقصص جميعها راوٍ واحد، ويتخذ هذا الراوي صديقًا له يرافقه، والذي أطلق عليه النقاد لقب "البطل". وتهدف المقامة في الغالب إلى تقديم النصح والإرشاد أو إظهار صور النقد الاجتماعي في المجتمع.
وستقوم الدراسة بالتطبيق على مقامتي "נשואין" (الزواج) ليهودا الحريزي، ومقامة "הכובסת" (الغسالة) ليوسف بن زبارة؛ وذلک لاشتراک هاتين المقامتين في مضمون واحد ألا وهو تيمة "الخداع في الزواج"، وکيفية تناول المقامتين لهذا الغرض في ضوء استخدام عناصر القصة المعروفة حديثا، واستنباط العناصر الأساسية للمقامة والتي ربما أصبحت فيما بعد أيضًا أسس القصة القصيرة الحديثة، وتطور مضمونها فيما بعد دون الالتزام بالسجع والزخرفة البلاغية، فربما وُجهت المقامة في الماضي لتسد النقص الذي کان سائدًا في بابيّ القصة والمقالة، وهو نقص أوجده عدم اکتمال التطور في الأشکال الأدبية في ذلک الوقت.