السُّخريَةُ في شِعر ابن عُنَين الدِّمشقيِّ)ت630ه) "دِرَاسَةٌ تَحليلِّيةٌ"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الألسن بالأقصر – جامعة جنوب الوادي

المستخلص

عرف العصر الأيوبي ابن عنين الدمشقي شاعرا، نبغ في الشعر وهو ابن ست عشرة سنة، من أئمة العلم والأدب، ملما بفروع الثقافة الإسلامية، وقف موقف الناقد المشنع العابث الساخر، يغمز الدولة والقائمين عليها، لم يسلم من لسانه أحد حتى وصلت به الجرأة مبلغا بعيدا، فعرَض بصلاح الدين، وکان کثير التنقل و الترحال بين البلدان، فطاف کثيرا من البلاد.
استخدم الشاعر السخرية لمقاومة الجور والظلم، حيث إنها تعد نوعا من التمرد على الظلم، فبلغ بشعره شأنا مميزا، وترک في شعره أثرا واضحا جليا، فنوع في سخريته ما بين الأحداث اليومية المليئة بالمفارقات المضحکة والعيوب الجسدية واللغوية ونُظم الحُکم الفاسدة مما جعله   يلجأ إلى التعريض بأسلوب ساخر، فکان خفيف الروح کثير الدعابة بارع الفکاهة حاضر النکتة ظريفا ماجنا ساخرا متهکما يؤثر الهزل على الجد، متوقد الذهن ذکي القلب، تعجبه النکتة ولو کان فيها حتفه، فسخرمن علية القوم وصدورهم، فهو أشبه الناس بأبي نواس في مجونه، وابن حجاج في هزله، والجاحظ في تهکمه واستخفافه بما درج عليه من رسوم المجاملة. أحب شئ إليه أن يستهزئ بذوي الهيئات والوقار والتزمت من القضاء والفقهاء والمحدثين والخطباء والواعظين ،ولقد ألح عليهم بالتهکم والسخرية حتى رموه بسوء الاعتقاد والزندقة، وقالوا سب الأنبياء وتهاون بالصلاة، وجاهر بشرب الخمر ([1])
أما الحديث عن السخرية عند شاعرنا، فهو ينم عن ألم دفين ألم به مما کان دافعا قويا وراء السخرية،  فيحول الأديب أو الشاعر الألم إلى أمل والترح إلى فرح، مستخدما الهجاء، لأنه يعدُ فنا أصيلا  في حياة الشعر العربي، فهى من أشد الأساليب سلاحا ضد المسخور منه، فالشاعر يبحث عن حقائق لکي يدين خصمه، فنلاحظ الصدق في السخرية، مما يعد رکيزة قوية من نجاح الشاعر في النيل من المهجو، ولکن الفرق بين السخرية والهجاء في أن " الهجاء طريقة مباشرة في الهجوم على العدو، ولکن السخرية طريقة غير مباشرة في الهجوم"([2])
ويهدف البحث لدراسة  السخرية عند شاعر من شعراء العصر الأيوبي لم يسلم من لسانه أحد حتى رأس الدولة، والبيئة الثقافية والعلمية لهذا الشاعر، والسخرية وموضوعاتها وأسلوب الشاعر في شعره الساخر
واستخدم الباحث المنهج النفسي في بحثه، إذ هو في رأيي من أنسب المناهج للبحث، حيث يکشف غوامض وخبايا العمل وصاحبه، وتفسيره من کل جوانبه وحل مشکلاته وتناقضه.